responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 103
: أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ وَضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ [سُورَة الْحجر: 77- 78] .
وَالْإِتْيَانُ بِحَرْفِ (إِذَا) الْمُفَاجِأَةِ اسْتِعَارَةٌ تَبَعِيَّةٌ. اسْتُعِيرَ الْحَرْفُ الدَّالُّ عَلَى مَعْنَى الْمُفَاجَأَةِ لِمَعْنَى تَرَتُّبِ الشَّيْءِ عَلَى غَيْرِ مَا يُظَنُّ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ. وَهَذَا مَعْنًى لَمْ يُوضَعْ لَهُ حَرْفٌ. وَلَا مُفَاجَأَةَ بِالْحَقِيقَةِ هُنَا لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْجَأْهُ ذَلِكَ وَلَا فَجَأَ أَحَدًا، وَلَكِنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ بِحَيْثُ لَوْ تَدَبَّرَ النَّاظِرُ فِي خَلْقِ الْإِنْسَانِ لَتَرَقَّبَ مِنْهُ الِاعْتِرَافَ بِوَحْدَانِيَّةِ خَالِقِهِ وَبِقُدْرَتِهِ عَلَى إِعَادَةِ خَلْقِهِ، فَإِذَا سَمِعَ مِنْهُ الْإِشْرَاكَ وَالْمُجَادَلَةَ فِي إِبْطَالِ الْوَحْدَانِيَّةِ وَفِي إِنْكَارِ الْبَعْثِ كَانَ كَمَنْ فَجَأَهُ ذَلِكَ. وَلَمَّا كَانَ حَرْفُ الْمُفَاجَأَةِ يَدُلُّ عَلَى حُصُولِ الْفَجْأَةِ لِلْمُتَكَلِّمِ بِهِ تَعَيَّنَ أَنْ تَكُونَ الْمُفَاجَأَةُ اسْتِعَارَةً تَبَعِيَّةً.
فَإِقْحَامُ حَرْفِ الْمُفَاجَأَةِ جَعَلَ الْكَلَامَ مُفْهِمًا أَمْرَيْنِ هُمَا: التَّعْجِيبُ مِنْ تَطَوُّرِ الْإِنْسَانِ مِنْ أَمْهَنِ حَالَةٍ إِلَى أَبْدَعِ حَالَةٍ وَهِيَ حَالَةُ الْخُصُومَةِ وَالْإِبَانَةِ النَّاشِئَتَيْنِ عَنِ التَّفْكِيرِ وَالتَّعَقُّلِ، وَالدَّلَالَةِ عَلَى كُفْرَانِهِ النِّعْمَةَ وَصَرْفِهِ مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِ فِي عِصْيَانِ الْمُنْعِمِ عَلَيْهِ. فَالْجُمْلَةُ فِي حَدِّ ذَاتِهَا تَنْوِيهٌ، وَبِضَمِيمَةِ حَرْفِ الْمُفَاجَأَةِ أُدْمِجَتْ مَعَ التَّنْوِيهِ التَّعْجِيبِ. وَلَوْ قِيلَ: فَهُوَ خَصِيمٌ أَوْ فَكَانَ خَصِيمًا لَمْ يَحْصُلْ هَذَا الْمَعْنى البليغ.
[5- 7]

[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 5 إِلَى 7]
وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (7)
يَجُوزُ أَنْ يَعْطِفَ الْأَنْعامَ عَطْفَ الْمُفْرَدِ عَلَى الْمُفْرَدِ عَطْفًا على الْإِنْسانَ [سُورَة النَّحْل: 4] ، أَيْ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ وَالْأَنْعَامَ، وَهِيَ أَيْضًا مَخْلُوقَةٌ مِنْ نُطْفَةٍ، فَيَحْصُلُ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 103
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست